يعدّ خير الدين التونسي (1821- 1889)، يعرف في تونس بخير الدّين باشا وشغل رئيسا لوزراء تونس في الفترة الممتدة بين 1873 و1877 ثمّ صار صدرا أعظم في الدولة العثمانية، أبرز رواد البحث السياسي العربي والإسلامي منذ بواكير عصر النهضة العربية (القرن الـ19)، وهو الذي بنى مشروعه الإصلاحي على الانفتاح على العالم الغربي، وهو ما ساهم في تشكّل شخصيته وعقله التنويريين، مستفيدا أيمّا استفادة من زياراته المتكررة والمبكّرة لأوروبا، فرنسا على وجه الخصوص.
ولئن حظيت أفكار خير الدّين الإصلاحيّة بكثير من المراجعة والتحليل، بل وبكثير من التفصيل في عدد كبير من الدّراسات العربية والغربية، فإنّ التركيز اقتصر في العموم على الجهد الإصلاحي لخير الدّين، وعلى تأثيره على بعض من نخب عصره، والعصور التالية، دون حفر في « كيفيّة تشكّل العقل الإصلاحي ».
في هذا الإطار يتنزّل كتاب « خير الدّين التونسي بين الحقيقة وظلّها » للمؤلف والباحث التونسي المتخصص في التاريخ، عبد الحق الزموري، الذي اجتهد في تتبع دوائر خير الدّين وعلاقاته وصداقاته، وخصومه، ورجال ثقته، على حدّ وصفه هو، بحثا في ما أسماه بتشريح هندسة « السياقات » التي أنتجت المصلحين وسرديّة الإصلاح.
ويشغل عبد الحق الزموري مديرا لمؤسسة أبعاد للدراسات المستقبلية ـ إسبانيا، ونائب رئيس الرابطة العربية للدراسات المستقبلية ـ الخرطوم، وهو إلى ذلك مؤلف ومترجم كتب عديدة فردية وجماعية منها: « التشيّع في تونس، قراءة علمية في التاريخ الطويل » (2020) و »التصوّف طريق الإسلام الجوانية » مترجما عن جوفروا (2019).