Description
لا يمكننا على المستوى العملي من صياغة العلاقة على نحو إيجابي بين حق الإختلاف وضرورات العيش المشترك، إلا بالإعلاء من شأن حقوق الإنسان، والعمل على صيانة هذه الحقوق، بعيداً عن التمايزات الأيديولوجية أو الإختلافات الفكرية والسياسية.
فالعلاقة جداً عميقة بين مبدأ العيش المشترك ومفهوم حقوق الإنسان، حيث أن حقوق الإنسان بكل ما تحتضن من قيم ومتطلبات وحاجات، هي الحاضن الأكبر للمشروع المشترك.
لذلك من الضروري أن نعتني بخلق الوعي الحقوقي، القادر على صيانة كرامة الإنسان.
ولا بد أن يدرك الجميع أن قيم الدين العليا لا يمكن أن تشرع للعسف والإكراه وإنتقاص حقوق الإنسان، فالدين الإسلامي بكل نظمه وتشريعاته، جاء من أجل تحرير الإنسان وصيانة حقوقه وكرامته، لذلك فإن الدين هو الرافد الأول الذي ننتزع منه حقوق الإنسان الأساسية.
فبوابة العيش المشترك في كل الأمم والمجتمعات، هي صيانة حقوق الإنسان وحماية كرامته وتعزيز حضوره ودوره في مشروعات التنمية والعمران.
والإختلاف في الهوية أو الإنتماء الأيديولوجي أو القناعات الفكرية والسياسية، لا يشرع بأي حال من الأحوال إلى إنتهاك الحقوق، فالإختلافات ليست سبباً أو مدعاة لنقصان الحقوق، وإنما تبقى حقوق الإنسان مصانة وفق مقتضيات العدالة ومتطلبات العيش المشترك.
وهذا الكتاب هو محاولة لتأصيل وتعميق مفهوم الآخر في فضائنا الوطني والثقافي والإجتماعي، ودعوة للتعامل مع كل حقائق التعددية المذهبية والفكرية بعقلية إيجابية وحضارية.
وإن المواطنة بكل مستلزماتها، هي خيارنا لإدارة تعدديتنا، وصيانة وحدتنا، ومواجهة تحديات راهننا، وبناء مستقبلنا.