Description
يُنظر إلى النقد، في هذا العصر، على أنّه الوريث الشرعيّ للفلسفة، باعتباره الوسيلة الأهم للإبقاء على الجوهر الإنسانيّ للموجودات، ومحاولة إزالة ما يحيط بها من تشوّهات، وتحيّزات، وخداع، في ظلّ ما بات يُعرف « بالهويّة الكبسوليّة » و »الأصوليّات القاتلة »؛ لتبرز الضرورة في البحث عن المنشأ والجوهر، بدلاً عن المنتهى والعرض.
بهذا الفهم للممارسة النقديّة، تأتي دراسة « كسر المحرّم في الشّعر العربيّ المعاصر » كفاعليّة ثقافيّة / جماليّة لها دلالاتها الفنيّة، متزامنة مع ممارسات سياسيّة وثقافيّة وإجتماعيّة وفكريّة، في المشهد العربيّ الراهن؛ إذ كسرت محرّمات عديدة في الواقع المعيش، كان يُظنّ فيها – حتّى وقت قريب – أنّها لا تمسّ، ولا يمكن الإقتراب منها؛ وإذ بها تُمسّ، وتتهاوى، وتُخترق، ويتبدّل الموقف تجاهها من الكمون إلى الحركة، ومن المحرّم إلى كسر المحرّم، بصرف النظر عن مدى نجاحها في وعودها التي قطعتها، وفي آمالها التي نشدتها.
بدت بعض تجارب الشعراء العرب المعاصرين، على تماسٍ مع هذه الوضعيّة العربيّة الراهنة، لتبرز كاستحقاقٍ بحثيّ، ومعرفي؛ لذا وبغيّة الوقوف على أثر المكوّن الثقافيّ، بشقيه الأوليّ والمكتسب، ووظيفته في تفعيل ممارسة « كسر المحرّم » الإبداعيّة، وما انبثق عنها من رؤى إبداعيّة، وجماليّة، جرى اختيار شعراء الدراسة من سياقات ثقافيّة متنوعة، لها معطياتها التاريخيّة والفكريّة والجغرافيّة الخاصّة بها، على الرغم ممّا تشترك به؛ فجاؤوا من العراق ولبنان ومصر والمغرب.